فنانة راقية، ومذيعة مثقفة، تعشق القراءة والكتابة.. استطاعت بموهبتها الفريدة أن تترك رصيدًا فنيًا مميزًا،هى الفنانة القديرة “لبنى عبدالعزيز”، والتى كشفت فى حوار خاص لـ”العربية.نت”، عن سبب ابتعادها عن السينما لنحو 11 عامًا وشروط عودتها، بالاضافة لأسباب اعتذارها عن رئاسة مهرجان السينما العربية، كما تحدثت عن مفهومها عن السينما وذكرياتها مع تاريخها الفني ورؤيتها لنوعية الأعمال الفنية التى تقدم على الساحة الفنية حاليًا.. والكثير من التفاصيل الأخرى.
*منذ 11 عامًا.. ابتعدت عن الشاشة بل وترفضين العودة للسينما فما السبب؟
بالفعل، لم أقدم أي عمل فني منذ فيلم “جدو حبيبي”، مع الراحل محمود ياسين، ولكني لم أعتزل أو ابتعد، ولم أجد ما يناسبنى ويجب ألا أُضحي بأعمالي القيمة التي شاركت بها، خاصة أن حاليًا معظم المُقدم على الشاشة يحتوي على مشاهد عنف، ولا أريد أن أقدم مثل تلك الأعمال، فالجميع تعجب مني بعد قراري بدخول السينما وعالم التمثيل، وتعجبّوا أكثر بعدما قررت السفر والعيش بالخارج، ولكنني قررت الابتعاد لكي أحافظ على تاريخي الفني، وبالرغم أنه ليس بكبير إلا أنني أعتز به، ولكن عدم عودتي للعمل بالسينما مرة ثانية، السبب هو تدهور السينما خلال السنوات الأخيرة، فالكثير من الأعمال الفنية التي تُقدم حالياً لسيت صناعة أو فن وإنما تجارة، فنظرة الجيل الحالي للفن تختلف كثيراً عن نظرة فنانين الزمن الجميل.
لبنى عبد العزيز
*وكيف ترين السينما؟
السينما لغة بلد وتاريخ، وللأسف أصبحنا كما قلت نقدم سينما من أجل التجارة فقط، وحقيقي لا يوجد لدينا لا فن ولا صناعة، فالأجيال الحالية والقادمة تعمل بالفن من أجل المال فقط،، وطوال عمري لم أفكر في المال ولم أعمل من أجله، ولم أكن في حاجة للعمل من أجل ذلك، ولكن تفكير الأجيال الحالية اختلف أو ممكن الأشخاص أو ممكن إيقاع العصر الحالي اختلف عن العصر الذهبي بكل ميادين الفن.
*وما الذي تقدمينه حاليا؟
ما زلت أقدم برنامج ركن الأطفال في الإذاعة المصرية حتى الآن، فهو عمره يزيد عن الستين عاما، فالإذاعة ما زالت محتفظة برونقها وقيمتها حتى الآن، فهي عريقة جدًا، وبها أفضل ما يُمكن سماعه، ولكن أغلب الجمهور لا يلتفت لها، وأتعجب لمَ نستهون بالإذاعة في عصرنا الحالي، فعلى سبيل المثال أميركا ما زالت حريصة على زيادة محطات بث الراديو وصلوا لما يقرب من 200 لـ 300 محطة إذاعية حتى الآن بمختلف اللغات.
لبنى عبد العزيز
*اعتذرت مؤخرا عن الرئاسة الشرفية للدورة الأولى من مهرجان السينما العربية فما السبب؟
هناك اختلاف في الرؤية بيني وبين إدارة المهرجان حال دون استمراري في منصبي كرئيس شرفي للدورة، وأتمنى لفريق عمل المهرجان التوفيق في مهمتهم من أجل إقامة دورة موفقة.
*أود أن أعود لك عن قرارك بعدم خوض تجارب فنية تتناول العنف والقتل وهى حقائق موجودة بالمجتمع؟
بعد الحرب العالمية الثانية قررت السينما الإيطالية اتخاذ المدرسة الواقعية، وتجسيد حياة الفقراء بموضوعات حساسة جدًا بطريقة مُفيدة، ولكن حاليًا تلك الموضوعات تُقدم بطريقة بها انخفاض في التفكير والمستوى الثقافي والنفسي، وعندما أشاهد تلك النوعية من الأفلام، أغلقها بعد 3 دقائق وأحزن.
*هل تشعرين بالندم على قرار سفرك وأن له عامل فى تخليكِ عن الفن؟
لا، ولكني اخترت عائلتي، فزوجي كان يعمل بالولايات المتحدة الأميركية ولم يكن سهل العيش بين هنا وهناك، واتفقنا على أن أشارك بأعمال سينمائية بين الحين والآخر ولكني لم أستطع بعد الزواج والأولاد وأخبرته أنني تنازلت عن ذلك الاتفاق.
*قدمت كثيرا من الأعمال الرومانسية.. فى رأيك لماذا اختفى هذا اللون من السينما المصرية؟
مع الأسف كثير من الناس يرون أن الرومانسية لم تعد موجودة بسبب أننا أصبحنا في عالم سريع، لم يعد هناك وقت للمس الأيادي وتقديم الورود، أو مثلما يطلق عليه الأن “تيك أوي”، ولكن الحب والرومانسية موجودة بيننا، سواء قدمت فى السينما أم لا، فالحب شىء بيد الله، حب الحبيب، والأب، والأصدقاء، وغيرها، وهذا النوع تحتاجه السينما المصرية.
الفنانة لبنى عبد العزيز
*ولكن هذه الأعمال لها جمهور كبير وهذا يعكس رغبتهم فى هذا اللون؟
لا، الجمهور لا يريد ذلك الفن، الجمهور أمامه ذلك النوع فقط، كنا نقدم في الماضي الفن بقيمة ويتقبله ويحبه الجمهور ويشيد به أيضًا، ونرى حاليًا أي رجل وسيدة إذا عادوا من عملهم وفتحوا التلفاز ورأوا فيلم أبيض وأسود سيشاهدونه، فأفلام الأبيض والأسود كان بها قيمة وعمق يفيد الجمهور، لكن حاليًا الجمهور يرى الدخان والغش والقتل بالأعمال، وعندما أسمع جملة إن الجمهور يريد ذلك، أشعر بقشعريرة تسري في جسدي، ولا أعتقد أن مصر أصبحت بهذا الحال.
*وهل ينطبق رأيك هذا على انتشار موسيقى المهرجانات؟
دعني أخبرك، فالراب فن مأخوذ من أميركا، وليس ابتكارًا للمصريين، فهو تقليد، “احنا شاطرين في التقليد”، أما المهرجانات الشعبية فلا أعرفها، أين موسيقى رياض السنباطي وعبد الوهاب التي اقتحمت العالم؟، حاليًا لا توجد الموسيقى العميقة والتي درسناها.
*قدمت الكثير من الأفلام التى ما زالت فى ذاكرة الجمهور والسينما.. أيهم الأقرب لكِ؟
للأسف فيلم لم يره الكثيرون كان بعنوان “هي والرجال” لإحسان عبد القدوس وكان يؤثر بي للغاية، حيث يتناول قصة خادمة تتناوب البيوت التي تعمل بها، ويستعرض حياة الخادمة المحدود، ولكنه أثر في داخلي رغم أنه ليس من الأفلام المشهورة فى مسيرتي.
*وماذا عن فيلم “عروس النيل”؟
“عروس النيل” ده فكرتي، ومكتوب على الشاشة ذلك، ودعيني أخبرك بقصته هو أنني رأيت العالم مهووس بتاريخ مصر القديمة ويصنعون أفلاماً عنها؛ إلا مصر وهذا أحزنني، ومن هنا فكرت في تقديم عمل عنها فانطلقت فكرته.
*ولكنكِ تعتزين أيضًا بفيلم “أنا حرة”.. لماذا؟
لأنه كان علامة مميزة هو الآخر في مشواري الفني، وهو الذي فتح آفاقا جديدة للفتاة المصرية والعربية على الشاشة وإعطاؤها حريتها في المجتمع وأنها ليست جاهلة وكان بمثابة ثورة جديدة لصورة المرأة على شاشة السينما المصرية، وبعدها أصبح لي الحق في اختيار أعمالي الفنية بكامل حريتي.
لا تعليق